لماذا الطوارئ في إنجلترا وفرنسا وألمانيا؟!

لماذا الطوارئ في إنجلترا وفرنسا وألمانيا؟!
كتب رئيس التحرير :
وكأن الحكومة ارتكبت إثما فظيعا وشرا مستطيرا عندما قررت مد الطوارئ عامين وقصرها علي جريمتي الإرهاب والمخدرات.. المداخلات التليفزيونية والحوارات ومقالات الصحف الخاصة كلها اثبتت ان مصر حالة شاذة بين دول العالم في تطبيق الطوارئ.
والحقيقة أن هناك قوانين في أمريكا وانجلترا وفرنسا وألمانيا اسوأ بكثير من قانون الطوارئ ولكن بمسميات مختلفة وصياغات متنوعة وإن كان بعضها أشد وطأة وأقسي تطبيقا من قانون الطوارئ في مصر.
بداية لابد أن نؤكد أن صدور قانون الإرهاب في مصر لن يعني أن الجدل حوله انتهي أو أن المعارضين والمستقلين سيتقبلون التسمية من دون مناقشة للبنود ومحاولة تفريغها من مضمونها ودحض الدوافع التي أدت إليها وأهمها إحداث الذعر لدي العامة وليس فقط الحوادث الإرهابية.. أتوقع أن يكون الجدل حول قانون الإرهاب أشد عنفا مما شاهدناه في اليومين الماضيين.
ففي فرنسا لم تكن أحداث المترو التي وقعت عام 1995 هي السبب الوحيد وراء تعديل قانون العقوبات "وإضافة" إجراءات استثنائية إليه لمواجهة كل ما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار لدي العامة.. ولكن الأحداث تعود إلي مظاهرات الطلبة في الجامعات الفرنسية عام 1968 وسيطرة تيار يساري شيوعي علي الشارع الأمر الذي أدي إلي إصدار "تشريع" خاص لأول مرة في التاريخ الفرنسي وينص علي احتجاز أي طالب يتظاهر ويدمر منشآت عامة.. وكان هذا أول تعديل تضطر فرنسا لادخاله علي قانونها الجنائي.. أقول ذلك وأطالب الذين يصرخون بأن حق التظاهر مكفول في كل القوانين بأن يعودوا إلي ما فعله البوليس الفرنسي في مظاهرات الطلبة أثناء حكم ديجول.. بالمناسبة التعريف الفرنسي للإرهاب هو الأكثر مطاطية بين كل التعريفات المستخدمة في العالم ونص التعريف هو "أي عمل يقوم به فرد أو جماعة لترويع أو إرهاب العامة أو إفساد النظام العام".. وبالنسبة للمقبوض عليهم للاشتباه في تحريضهم علي الإرهاب أو ارتكابه فإنهم لا يقابلون محاميهم إلا بعد 72 ساعة ولا يسمح له بأكثر من 30 دقيقة.. ولا يسمح لأي متهم في جرائم ذات صلة بالبقاء صامتا!! وتأكدوا بأنفسكم من نصوص القانون الفرنسي.
بالنسبة لألمانيا لم تلجأ لتعديل قانون العقوبات إلا بعد ما حدث في دورة الألعاب الأوليمبية في ميونيخ عام 1972 ثم الهجمات التي شنتها منظمة الجيش الأحمر علي أهداف حيوية في ألمانيا وبدأت تتخذ إجراءات أهمها تعديل المادة "129 أ" من قانون العقوبات بحيث اصبح تعريف الإرهاب شاملا "أي فعل غير قانوني يهدد أي كيان إداري أو منظمة دولية في ألمانيا كما شمل أيضا معاقبة أي فعل من شأنه تهديد كيانات دستورية أو سياسية أو اقتصادية في البلاد".
في عام 2006 قامت المانيا بتعديل قانون احتجاز المتهمين في جرائم تحريض علي الإرهاب أو ممارسته إلي 30 يوما.. وقد طالبت حكومة جيرهارد شيرودر في أيامها الأخيرة من البرلمان اضافة تعديل علي مدة احتجاز المتهمين بحيث تصبح "غير محددة المدة" متي ارتأت جهة التحقيق ذلك! بمعني انه يمكن احتجاز المتهم إلي ما لا نهاية.
في انجلترا كانت هناك قوانين مقيدة للحريات أثناء هجمات الجيش الجمهوري الايرلندي في السبعينات والثمانينات وحتي منتصف التسعينات.. اطلقت لندن عليها اسم "إجراءات استثنائية" أو Exceptional Procedures وتسمح بمراقبة الشقق وتصويرها وتسجيل المكالمات وفتح رسائل البريد وحسابات البنوك ومراقبة الأفراد المشتبه بهم. كما كان من أهم هذه الإجراءات اقتحام الشقق دون اذن من جهة التحقيق لو ثبت وجود مشتبهين داخلها.. في عام 2006 وبعد الهجمات الإرهابية في لندن في شهر يوليو قدمت حكومة توني بلير اقتراحا لمجلس العموم بزيادة مدة احتجاز المشتبهين إلي 90 يوما. لكن البرلمان خفضها إلي 28 يوما وهم يستعدون لرفعها هذه الأيام إلي 40 يوما.
الأهم من ذلك ان انجلترا طبقت لأول مرة نظام الاقامة الجبرية للمشتبه بهم أو Control Orders وتقضي بعدم مغادرة المتهم منزله وعليه ابلاغ قسم البوليس يوميا بأنه مازال في نفس العنوان. كما أن هذا الإجراء يمنع المشتبه بهم من التوجه للمطارات أو لمحطة السكك الحديدية حتي لمجرد "النزهة".
وبعد.. فكل دولة تطبق ما تراه ضروريا لحماية أمنها ومواطنيها وكلها تلاقي معارضة في البرلمان. لكنهم يختلفون عنا في انه بعد التصويت عليها لا يتكلم عنها أحد

الجمهورية فى عدد اليوم

طبعا هى من المقالات المضحكة التى تولت الجمهورية نشرها للترفيه عن القارئ